الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: تفسير الجلالين ***
{الر كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ (1)} {الر} اللّهُ أعلم بمراده بذلك، هذا القرآن {كِتَابٌ أنزلناه إِلَيْكَ} يا محمد {لِتُخْرِجَ الناس مِنَ الظلمات} الكفر {إِلَى النور} الإيمان {بِإِذُنِ} بأمر {رَّبُّهُمْ} ويبدل من. «إلى النور» {إلى صراط} طريق {العزيز} الغالب {الحميد} المحمود.
{اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَوَيْلٌ لِلْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ شَدِيدٍ (2)} {الله} بالجرّ بدل أو عطف بيان وما بعده صفة والرفع مبتدأ خبره {الذى لَهُ مَا فِى السموات وَمَا فِي الأرض} ملكاً وخلقاً وعبيداً {وَوَيْلٌ للكافرين مِنْ عَذَابٍ شَدِيدٍ}.
{الَّذِينَ يَسْتَحِبُّونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الْآَخِرَةِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ (3)} {الذين} نعت {يَسْتَحِبُّونَ} يختارون {الحياة الدنيا عَلَى الأخرة وَيَصُدُّنَ} الناس {عَن سَبِيلِ الله} دين الإسلام {وَيَبْغُونَهَا} أي السبيل {عِوَجَا} معوجّة {أُوْلَئِكَ فِى ضلال بَعِيدٍ} عن الحق.
{وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فَيُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (4)} {وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ} بلغة {قَوْمِهِ لِيُبَيّنَ لَهُمْ} لِيُفهمهمُ ما أتى به {فَيُضِلُّ الله مَن يَشَآءُ وَيَهْدِى مَن يَشَاءُ وَهُوَ العزيز} في ملكه {الحكيم} في صنعه.
{وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآَيَاتِنَا أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ (5)} {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا موسى بئاياتنا} التسع وقلنا له {أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ} بني إسرائيل {مِنَ الظلمات} الكفر {إِلَى النور} الإِيمان {وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ الله} بنعمه {إِنَّ فِى ذَلِكَ} التذكير {لأات لّكُلِّ صَبَّارٍ} على الطاعة {شَكُورٍ} للنعم.
{وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ أَنْجَاكُمْ مِنْ آَلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ وَيُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ وَفِي ذَلِكُمْ بَلَاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ (6)} {وَ} اذكر {إِذْ قَالَ موسى لِقَوْمِهِ اذكروا نِعْمَةَ الله عَلَيْكُمْ إِذْ أَنجَاكُمْ مّنْ ءَالِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوء العذاب وَيُذَبّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ} المولودين {وَيَسْتَحْيُونَ} يستبقون {نِسَاءَكُمْ} لقول بعض الكهنة إن مولوداً يولد في بني إسرائيل يكون سبب ذهاب ملك فرعون {وَفِى ذلكم} الإنجاء أو العذاب {بَلاءٌ} إنعام أو ابتلاء {مِّن رَّبّكُمْ عَظِيمٌ}.
{وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ (7)} {وَإِذْ تَأَذَّنَ} أعلم {رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ} نعمتي بالتوحيد والطاعة {لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ} جحدتم النعمة بالكفر والمعصية لأعذبنكم دل عليه {إِنَّ عَذَابِى لَشَدِيدٌ}.
{وَقَالَ مُوسَى إِنْ تَكْفُرُوا أَنْتُمْ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا فَإِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ (8)} {وَقَالَ مُوسَى} لقومه {إِن تَكْفُرُواْ أَنتُمْ وَمَن فِى الأرض جَمِيعًا فَإِنَّ الله لَغَنِىٌّ} عن خلقه {حَمِيدٌ} محمود في صنعه بهم.
{أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ لَا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا اللَّهُ جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْوَاهِهِمْ وَقَالُوا إِنَّا كَفَرْنَا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ وَإِنَّا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَنَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ (9)} {أَلَمْ يَأْتِكُمْ} استفهام تقرير {نَبَؤُاْ} خبر {الذين مِن قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ} قوم هود {وَثَمُودُ} قوم صالح {والذين مِن بَعْدِهِمْ لاَ يَعْلَمُهُمْ إِلاَّ الله} لكثرتهم؟ {جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُم بالبينات} بالحجج الواضحة على صدقهم {فَرَدُّواْ} أي الأمم {أَيْدِيَهُمْ فِى أَفْوَاهِهِمْ} أي إليها ليعضوا عليها من شدّة الغيظ {وَقَالُواْ إِنَّا كَفَرْنَا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ} في زعمكم {وَإِنَّا لَفِى شَكّ مّمَّا تَدْعُونَنَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ} موقع في الريبة.
{قَالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي اللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرَكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى قَالُوا إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا تُرِيدُونَ أَنْ تَصُدُّونَا عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آَبَاؤُنَا فَأْتُونَا بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ (10)} {قَالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِى الله شَكٌّ}؟ استفهام إنكار أي لا شك في توحيده للدلائل الظاهرة عليه {فَاطِرِ} خالق {السموات والارض يَدْعُوكُمْ} إلى طاعته {لِيَغْفِرَ لَكُمْ مّن ذُنُوبِكُمْ} «من» زائدة، فإن الإسلام يُغْفَر به ما قبله، أو تبعيضية لإِخراج حقوق العباد {وَيُؤَخِّرَكُمْ} بلا عذاب {إلى أَجَلٍ مُّسَمًّى} أجل الموت {قَالُواْ إِنْ} ما {أَنْتُمْ إِلاَّ بَشَرٌ مِثْلُنَا تُرِيدُون أَن، تَصُدُّنَا عَمَّا كَان يَعْبُدُ ءَابَآؤُنَا} من الأصنام {فَأْتُونَا بسلطان مُّبِينٍ} حجة ظاهرة على صدقكم.
{قَالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِنْ نَحْنُ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَمُنُّ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَمَا كَانَ لَنَا أَنْ نَأْتِيَكُمْ بِسُلْطَانٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (11)} {قَالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِن} ما {نَّحْنُ إِلاَّ بَشَرٌ مّثْلُكُمْ} كما قلتم {ولكن الله يَمُنُّ على مَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِ} بالنبوّة {وَمَا كَانَ} ما ينبغي {لَنَا أَن نَّأْتِيَكُمْ بسلطان إِلاَّ بِإِذْنِ الله} بأمره لأننا عبيد مربوبون {وَعَلَى الله فَلْيَتَوَكَّلِ المؤمنون} يثقوا به.
{وَمَا لَنَا أَلَّا نَتَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ وَقَدْ هَدَانَا سُبُلَنَا وَلَنَصْبِرَنَّ عَلَى مَا آَذَيْتُمُونَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ (12)} {وَمَا لَنَا أ} ن {لا نَتَوَكَّلَ عَلَى الله} أي لا مانع لنا من ذلك {وَقَدْ هَدَانَا سُبُلَنَا وَلَنَصْبِرَنَّ على مَا اذَيْتُمُونَا} على أذاكم {وَعَلَى الله فَلْيَتَوَكَّلِ المتوكلون}.
{وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّكُمْ مِنْ أَرْضِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ (13)} {وَقَالَ الذين كَفَرُواْ لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّكُمْ مّنْ أَرْضِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ} لتصيرنَّ {فِى مِلَّتِنَا} ديننا {فأوحى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظالمين} الكافرين.
{وَلَنُسْكِنَنَّكُمُ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِهِمْ ذَلِكَ لِمَنْ خَافَ مَقَامِي وَخَافَ وَعِيدِ (14)} {وَلَنُسْكِنَنَّكُمُ الأرض} أرضهم {مّن بَعْدِهِمْ} بعد هلاكهم {ذلك} النصر وإيراث الأرض {لِمَنْ خَافَ مَقَامِى} أي مقامه بين يديّ {وَخَافَ وَعِيدِ} بالعذاب.
{وَاسْتَفْتَحُوا وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ (15)} {واستفتحوا} استنصر الرسل بالله على قومهم {وَخَابَ} وخسر {كُلُّ جَبَّارٍ} متكبِّرٍ عن طاعة الله {عَنِيدٍ} معاند للحق.
{مِنْ وَرَائِهِ جَهَنَّمُ وَيُسْقَى مِنْ مَاءٍ صَدِيدٍ (16)} {مِّن وَرَائِهِ} أي أمامه {جَهَنَّمُ} يدخلها {ويسقى} فيها {مِن مَّاءٍ صَدِيدٍ} هو ماء يسيل من جوف أهل النار مختلطا بالقيح والدم.
{يَتَجَرَّعُهُ وَلَا يَكَادُ يُسِيغُهُ وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ وَمِنْ وَرَائِهِ عَذَابٌ غَلِيظٌ (17)} {يَتَجَرَّعُهُ} يبتلعه مرّة بعد مرّة لمرارته {وَلاَ يَكَادُ يُسِيغُهُ} يزدرده لقبحه وكراهته {وَيَأْتِيهِ الموت} أي أسبابه المقتضية له من أنواع العذاب. {مِن كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيّتٍ وَمِن وَرَائِهِ} بعد ذلك العذاب {عَذَابٌ غَلِيظٌ} قويّ متصل.
{مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ لَا يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُوا عَلَى شَيْءٍ ذَلِكَ هُوَ الضَّلَالُ الْبَعِيدُ (18)} {مَثَلُ} صفة {الذين كَفَرُواْ بِرَبِّهِمْ} مبتدأ ويبدل منه {أعمالهم} الصالحة كصلة وصدقة في عدم الانتفاع بها {كَرَمَادٍ اشتدت بِهِ الريح فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ} شديد هبوب الريح فجعلته هباء منثوراً لا يُقْدَرُ عليه والجار والمجرور خبر المبتدأ {لاَّ يَقْدِرُونَ} أي الكفار {مِمَّا كَسَبُواْ} عَمِلُوا في الدنيا {على شَئ} أي لا يجدون له ثواباً لعدم شرطه {ذلك هُوَ الضلال} الهلاك {البعيد}.
{أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ (19)} {أَلَمْ تَرَ} تنظر يا مخاطب استفهام تقرير {أَنَّ الله خَلَقَ السموات والأرض بالحق}؟ متعلق ب (خلق) {إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ} أيها الناس {وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ} بدلكم.
{وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ (20)} {وَمَا ذلك عَلَى الله بِعَزِيزٍ} شديد.
{وَبَرَزُوا لِلَّهِ جَمِيعًا فَقَالَ الضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا مِنْ عَذَابِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ قَالُوا لَوْ هَدَانَا اللَّهُ لَهَدَيْنَاكُمْ سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا مَا لَنَا مِنْ مَحِيصٍ (21)} {وَبَرَزُواْ} أي الخلائق والتعبير فيه وفيما بعده بالماضي لتحقيق وقوعه {لِلَّهِ جَمِيعًا فَقَالَ الضعفاء} الأتباع {لِلَّذِينَ استكبروا} المتبوعين {إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا} جمع (تابع) {فَهَلْ أَنتُمْ مُّغْنُونَ} دافعون {عَنَّا مِنْ عَذَابِ الله مِن شَئ} «من» الأولى للتبيين، والثانية للتبعيض {قَالُواْ} أي المتبوعون {لَوْ هَدَانَا الله لَهَدَيْنَاكُمْ} لدعوناكم إلى الهدى {سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا مَا لَنَا مِن} زائدة {مَّحِيصٍ} ملجأ.
{وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (22)} {وَقَالَ الشيطان} إبليس {لَمَّا قُضِىَ الأمر} وأُدخِل أهل الجنة الجنة وأهلُ النارِ النارَ واجتمعوا عليه {إِنَّ الله وَعَدَكُمْ وَعْدَ الحق} بالبعث والجزاء فصَدَقَكَم {وَوَعَدتُّكُمْ} أنه غير كائن {فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِىَ عَلَيْكُمْ مّن} زائدة {سلطان} قوّة وقدرة أقهركم على متابعتي {إِلاَّ} لكن {أَن دَعَوْتُكُمْ فاستجبتم لِى فَلاَ تَلُومُونِى وَلُومُواْ أَنفُسَكُمْ} على إجابتي {مَّا أَنَاْ بِمُصْرِخِكُمْ} بمغيثكم {وَمَا أَنتُمْ بِمُصْرِخِىَّ} بفتح الياء وكسرها {إِنّى كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ} بإشراككم إياي مع الله {مِن قَبْلُ} في الدنيا قال تعالى {إِنَّ الظالمين} الكافرين {لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} مؤلم.
{وَأُدْخِلَ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ تَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ (23)} {وَأُدْخِلَ الذين ءامَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات جنات تَجْرِى مِن تَحْتِهَا الأنهار خالدين} حال مقدّرة {فِيهَا بِإِذْنِ رَبّهِمْ تَحِيَّتُهُمْ فِيهَا} من الله ومن الملائكة وفيما بينهم {سلام}.
{أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ (24)} {أَلَمْ تَرَ} تنظر {كَيْفَ ضَرَبَ الله مَثَلاً} ويبدل منه {كَلِمَةً طَيّبَةً} أي (لا إله إلا الله) {كَشَجَرةٍ طَيّبَةٍ} هي النخلة {أَصْلُهَا ثَابِتٌ} في الأرض {وَفَرْعُهَا} غصنها {فِى السماء}؟
{تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (25)} {تُؤْتِى} تعطي {أُكُلُهَا} ثمرها {كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبّهَا} بإرادته كذلك كلمة الإِيمان ثابتة في قلب المؤمن وعمله يصعد إلى السماء ويناله بركته وثوابه كل وقت {وَيَضْرِبُ} يبيّن {الله الأمثال لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ} يتّعظون فيؤمنون.
{وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ (26)} {وَمَثلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ} هي كلمة الكفر {كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ} هي (الحنظل) {اجتثت} استؤصلت {مِن فَوْقِ الأرض مَا لَهَا مِن قَرَارٍ} مستقرّ وثبات كذلك كلمة الكفر لا ثبات لها ولا فرع ولا بركة.
{يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآَخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ (27)} {يُثَبّتُ الله الذين ءَامَنُواْ بالقول الثابت} هي كلمة التوحيد {فِي الحياة الدنيا وَفِى الأخرة} أي القبر لما يسألهم الملكان عن ربهم ودينهم ونبيهم فيجيبون بالصواب كما في حديث الشيخين {وَيُضِلُّ الله الظالمين} الكفار فلا يهتدون للجواب بالصواب بل يقولون لاندري كما في الحديث {وَيَفْعَلُ الله مَا يَشَاءُ}.
{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَةَ اللَّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ (28)} {أَلَمْ تَرَ} تنظر {أَلَمْ تَرَ إِلَى الذين بَدَّلُواْ نِعْمَتَ الله} أي شُكْرَهَا {كُفْراً} هم كفار قريش {وَأَحَلُّواْ} أنزلوا {قَوْمَهُمْ} بإضلالهم إياهم {دَارَ البوار} الهلاك؟
{جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا وَبِئْسَ الْقَرَارُ (29)} {جَهَنَّم} عطف بيان {يَصْلَوْنَهَا} يدخلونها {وَبِئْسَ القرار} المقرّ هي.
{وَجَعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعُوا فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى النَّارِ (30)} {وَجَعَلُواْ للَّهِ أَندَادًا} شركاء {لِيُضِلُّواْ} بفتح الياء وضمها {عَن سَبِيلِهِ} دين الإسلام {قُلْ} لهم {تَمَتَّعُواْ} بدنياكم قليلاً {فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ} مرجعكم {إِلَى النار}.
{قُلْ لِعِبَادِيَ الَّذِينَ آَمَنُوا يُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خِلَالٌ (31)} {قُل لّعِبَادِىَ الذين ءامَنُواْ يُقِيمُواْ الصلاة وَيُنْفِقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّاً وَعَلانِيَةً مّن قَبْلِ أَن يَأْتِىَ يَوْمٌ لاَّ بَيْعٌ} فداء {فِيهِ وَلاَ خلال} مخالّة أي صداقة تنفع. هو: يوم القيامة.
{اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْأَنْهَارَ (32)} {الله الذى خَلَقَ السموات والارض وَأَنزَلَ مِنَ السماء مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثمرات رِزْقًا لَّكُمْ وَسَخَّرَ لَكُمُ الفلك} السفن {لِتَجْرِىَ فِى البحر} بالركوب والحمل {بِأَمْرِهِ} بإذنه {وَسَخَّرَ لَكُمُ الأنهار}.
{وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَائِبَيْنِ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ (33)} {وَسَخَّرَ لَكُمُ الشمس والقمر دَائِبَينِ} جاريين في فلكهما لا يَفْتُران {وَسَخَّرَ لَكُمُ اليل} لتسكنوا فيه {والنهار} لتبتغوا فيه من فضله.
{وَآَتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ (34)} {وَءَاتَاكُمْ مِّن كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ} على حسب مصالحكم {وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ الله} بمعنى إنعامه {لاَ تُحْصُوهَا} لا تطيقوا عدّها {إِنَّ الإنسان} الكافر {لَظَلُومٌ كَفَّارٌ} كثير الظلم لنفسه بالمعصية والكفر لنعمة ربه.
{وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آَمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ (35)} {وَ} اذكر {إِذْ قَالَ إبراهيم رَبِّ اجعل هذا البلد} مكة {ءَامِناً} ذا أمن وقد أجاب الله دعاءه فجعله حرماً لا يسفك فيه دم إنسان ولا يظلم فيه أحد ولا يصاد صيده ولا يتخلى خلاه {واجنبنى} بَعِّدْني {وَبَنِىَّ} عن {أَن نَّعْبُدَ الأصنام}.
{رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (36)} {رَبّ إِنَّهُنَّ} أي الأصنام {أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مّنَ الناس} بعبادتهم لها {فَمَن تَبِعَنِى} على التوحيد {فَإِنَّهُ مِنّى} من أهل ديني {وَمَنْ عَصَانِى فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} هذا قبل علمه أنه تعالى لا يغفر الشرك.
{رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ (37)} {رَّبَّنَا إِنَّى أَسْكَنتُ مِن ذُرّيَّتِى} أي بعضها وهو (إسماعيل) مع أُمّه (هاجر) {بِوَادٍ غَيْرِ ذِى زَرْعٍ} هو مكة {عِندَ بَيْتِكَ المحرم} الذي كان قبل الطوفان {رَّبَّنَا لِيُقِيمُواْ الصلاوة فاجعل أَفْئِدَةً} قلوباً {مّنَ الناس تَهْوِى} تميل وتحنّ {إِلَيْهِمُ} قال ابن عباس لو قال (أفئدة الناس) لحنت إليه فارس والروم والناس كلهم {وارزقهم مّنَ الثمرات لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ} وقد فعل بنقل الطائف إليه.
{رَبَّنَا إِنَّكَ تَعْلَمُ مَا نُخْفِي وَمَا نُعْلِنُ وَمَا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ (38)} {رَبَّنَا إِنَّكَ تَعْلَمُ مَا نُخْفِى} نسرّ {وَمَا نُعْلِنُ وَمَا يخفى عَلَى الله مِن} زائدة {شَئ فِي الأرض وَلاَ فِى السماء} يحتمل أن يكون من كلامه تعالى أو كلام إبراهيم.
{الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاءِ (39)} {الحمد للَّهِ الذى وَهَبَ لِى} أعطاني {على} مع {الكبر إسماعيل} وُلِدَ وَلَهُ تسع وتسعون سنة {وإسحاق} وُلِدَ وَلَهُ مائة واثنتا عشرة سنة {إِنَّ رَبّى لَسَمِيعُ الدعاء}.
{رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ (40)} {رَبِّ اجعلنى مُقِيمَ الصلاة} اجعل {مِن ذُرّيَّتِى} مَنْ يقيمها وأتى ب «من» لإِعلام الله تعالى له أن منهم كفارا {رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ} المذكور.
{رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ (41)} {رَبَّنَا اغفر لِى وَلِوَالِدَىَّ} هذا قبل أن يتبين له عداوتهما لله عز وجل وقيل أسلمت أمه وقرئ «والدي» مفرداً و«وَوَلَدَيَّ» {وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ} يثبت {الحساب}.
{وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ (42)} قال تعالى: {وَلاَ تَحْسَبَنَّ الله غافلا عَمَّا يَعْمَلُ الظالمون} الكافرون من أهل مكة {إِنَّمَا يُؤَخّرُهُمْ} بلا عذاب {لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأبصار} لهول ما ترى يقال شخص بصر فلان أي فتحه فلم يغمضه.
{مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لَا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ (43)} {مُهْطِعِينَ} مسرعين حال {مُقْنِعِى} رافعي {رُءُوسِهِمْ} إلى السماء {لاَ يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ} بصرهم {وَأَفْئِدَتُهُمْ} قلوبهم {هَوَاءٌ} خالية من العقل لفزعهم.
{وَأَنْذِرِ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذَابُ فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُوا رَبَّنَا أَخِّرْنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ أَوَلَمْ تَكُونُوا أَقْسَمْتُمْ مِنْ قَبْلُ مَا لَكُمْ مِنْ زَوَالٍ (44)} {وَأَنذِرِ} خوِّف يا محمد {الناس} الكفار {يَوْمَ يَأْتِيهِمُ العذاب} هو يوم القيامة {فَيَقُولُ الذين ظَلَمُواْ} كفروا {رَبَّنَا أَخّرْنَا} بأن تردّنا إلى الدنيا {إلى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُّجِبْ دَعْوَتَكَ} بالتوحيد {وَنَتَّبِعِ الرسل} فيقال لهم توبيخاً {أَوَلَمْ تَكُونُواْ أَقْسَمْتُمْ} حلفتم {مِن قَبْلُ} في الدنيا {مَا لَكُم مّنْ} زائدة {زَوَالٍ} عنها إلى الآخرة؟
{وَسَكَنْتُمْ فِي مَسَاكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ وَضَرَبْنَا لَكُمُ الْأَمْثَالَ (45)} {وَسَكَنتُمْ} فيها {فِى مساكن الذين ظَلَمُواْ أَنفُسَهُمْ} بالكفر من الأمم السابقة {وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ} من العقوبة فلم تنزجروا {وَضَرَبْنَا} بيّنّا {لَكُمُ الأمثال} في القرآن فلم تعتبروا.
{وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ (46)} {وَقَدْ مَكَرُواْ} بالنبيّ صلى الله عليه وسلم {مَكْرِهِمْ} حيث أرادوا قتله أو تقييده أو إخراجه {وَعِندَ الله مَكْرُهُمْ} أي علمه أو جزاؤه {وَإِن} ما {كَانَ مَكْرُهُمْ} وإن عظم {لِتَزُولَ مِنْهُ الجبال} المعنى لا يُعْبَأُ به ولا يضرّ إلا أنفسهم والمراد بالجبال هنا قيل حقيقتها وقيل شرائع الإِسلام المشبهة بها في القرار والثبات وفي قراءة بفتح لام «لتزول» ورفع الفعل ف «إن» مخففة والمراد تعظيم مكرهم وقيل: المراد بالمكر كفرهم. ويناسبه على الثانية {تَكَاَدُ السموات يَتَفَطَرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُ الأَرْضُ وَتَخِرُّ الجِبَالُ هَدًّا} [90: 19] وعلى الأول ما قرئ وما كان.
{فَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ (47)} {فَلاَ تَحْسَبَنَّ الله مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ} بالنصر {إِنَّ الله عَزِيزٌ} غالب لا يعجزه شيء {ذُو انتقام} ممن عصاه.
{يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَوَاتُ وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ (48)} اذكر {يَوْمَ تُبَدَّلُ الأرض غَيْرَ الارض والسماوات} هو يوم القيامة فيحشر الناس على أرض بيضاء نقية كما في حديث الصحيحين: وروى مسلم حديث: سئل النبي صلى الله عليه وسلم أين الناس يومئذ؟ قال: (على الصراط) {وَبَرَزُواْ} خرجوا من القبور {للَّهِ الواحد الْقَهَّارِ}.
{وَتَرَى الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفَادِ (49)} {وَتَرَى} يا محمد تبصر {المجرمين} الكافرين {يَوْمَئِذٍ مُّقَرَّنِينَ} مشدودين مع شياطينهم {فِى الأصفاد} القيود أو الأغلال.
{سَرَابِيلُهُمْ مِنْ قَطِرَانٍ وَتَغْشَى وُجُوهَهُمُ النَّارُ (50)} {سَرَابِيلُهُم} قمصهم {مِّن قَطِرَانٍ} لأنه أبلغ لاشتعال النار {وتغشى} تعلو {وُجُوهَهُمُ النار}.
{لِيَجْزِيَ اللَّهُ كُلَّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ (51)} {لِيَجْزِىَ} متعلق ب «برزوا» {الله كُلَّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ} من خير وشرّ {إِنَّ الله سَرِيعُ الحساب} يحاسب جميع الخلق في قدر نصف نهار من أيام الدنيا لحديث بذلك.
{هَذَا بَلَاغٌ لِلنَّاسِ وَلِيُنْذَرُوا بِهِ وَلِيَعْلَمُوا أَنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ (52)} {هذا} القرآن {بلاغ لّلنَّاسِ} أي أُنزل لتبليغهم {وَلِيُنذَرُواْ بِهِ وَلِيَعْلَمُواْ} بما فيه من الحجج {أَنَّمَا هُوَ} أي الله {إله وَاحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ} بإدغام التاء في الأصل مِنَ الذال يتعظ {أُوْلُواْ الألباب} أصحاب العقول.
{الر تِلْكَ آَيَاتُ الْكِتَابِ وَقُرْآَنٍ مُبِينٍ (1)} {الر} الله أعلم بمراده بذلك {تِلْكَ} هذه الآيات {ءايات الكتاب} القرآن والإِضافة بمعنى «مِن» {وَقُرْءَانٍ مُّبِينٍ} مظهر للحق من الباطل عطف بزيادة صفة.
{رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ (2)} {رُّبَمَا} بالتشديد والتخفيف {يَوَدُّ} يتمنى {الذين كَفَرُواْ} يوم القيامة إذا عاينوا حالهم وحال المسلمين {لَوْ كَانُواْ مُسْلِمِينَ} و«رُبَّ» للتكثير، فإنه يكثر منهم تمني ذلك وقيل للتقليل فإن الأهوال تدهشهم فلا يفيقون حتى يتمنوا ذلك إلا في أحيان قليلة.
{ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (3)} {ذَرْهُمْ} اترك الكفار يا محمد {يَأْكُلُواْ وَيَتَمَتَّعُواْ} بدنياهم {وَيُلْهِهِمُ} يشغلهم {الأمل} بطول العمر وغيره عن الإِيمان {فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ} عاقبة أمرهم، وهذا قبل الأمر بالقتال.
{وَمَا أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا وَلَهَا كِتَابٌ مَعْلُومٌ (4)} {وَمَآ أَهْلَكْنَا مِن} زائدة {قَرْيَةٍ} أريد أهلها {إِلاَّ وَلَهَا كِتَابٌ} أجل {مَّعْلُومٌ} محدود لإِهلاكها.
{مَا تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَهَا وَمَا يَسْتَأْخِرُونَ (5)} {مَّا تَسْبِقُ مِنْ} زائدة {أُمَّةٍ أَجَلَهَا وَمَا يَسْتَخِرُونَ} يتأخرون عنه.
{وَقَالُوا يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ (6)} {وَقَالُواْ} أي كفار مكة للنبي صلى الله عليه وسلم {ياأيها الذى نُزّلَ عَلَيْهِ الذكر} القرآن في زعمه {إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ}.
{لَوْ مَا تَأْتِينَا بِالْمَلَائِكَةِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (7)} {لَّوْ مَا} هلا {تَأْتِينَا بالملائكة إِن كُنتَ مِنَ الصادقين} في قولك إنك نبيّ، وإن هذا القرآن من عند الله.
{مَا نُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ إِلَّا بِالْحَقِّ وَمَا كَانُوا إِذًا مُنْظَرِينَ (8)} {مَا تُنَزَّلَ} فيه حذف إحدى التاءين {الملائكة إِلاَّ بالحق} بالعذاب {وَمَا كَانُواْ إِذًا} أي حين نزول الملائكة بالعذاب {مُنظَرِينَ} مؤخّرين.
{إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (9)} {إِنَّا نَحْنُ} تأكيد لاسم «إن» أو فصل {نَزَّلْنَا الذكر} القرآن {وَإِنَّا لَهُ لحافظون} من التبديل والتحريف والزيادة والنقص.
{وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي شِيَعِ الْأَوَّلِينَ (10)} {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ} رسلاً {فِى شِيَعِ} فرق {الأولين}.
{وَمَا يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (11)} {وَمَا} كان {يَأْتِيهِم مّن رَّسُولٍ إِلاَّ كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزءُونَ} كاستهزاء قومك بك، وهذا تسلية له صلى الله عليه وسلم.
{كَذَلِكَ نَسْلُكُهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ (12)} {كذلك نَسْلُكُهُ} أي مثل إدخالنا التكذيب في قلوب أولئك نُدْخله {فِى قُلُوبِ المجرمين} أي كفار مكة.
{لَا يُؤْمِنُونَ بِهِ وَقَدْ خَلَتْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ (13)} {لاَ يُؤْمِنُونَ بِهِ} بالنبيّ صلى الله عليه وسلم {وَقَدْ خَلَتْ سُنَّةُ الأولين} أي سنة الله فيهم من تعذيبهم بتكذيبهم أنبياءهم وهؤلاء مثلهم.
{وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَابًا مِنَ السَّمَاءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ (14)} {وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِم بَاباً مِّنَ السمآء فَظَلُّواْ فِيهِ} في الباب {يَعْرُجُونَ} يصعدون.
{لَقَالُوا إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ (15)} {لَقَالُواْ إِنَّمَا سُكِّرَتْ} سدّت {أبصارنا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَّسْحُورُونَ} يخيل إلينا ذلك.
{وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ (16)} {وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِى السمآء بُرُوجًا} اثني عشر: الحمل والثور والجوزاء والسرطان والأسد والسنبلة والميزان والعقرب والقوس والجدي والدلو والحوت، وهي منازل الكواكب السبعة السيارة: (المريخ) وله الحمل والعقرب، (والزهرة) ولها الثور والميزان، و(عطارد) وله الجوزاء والسنبلة، و(القمر) وله السرطان، و(الشمس) ولها الأسد، و(المشتري) وله القوس والحوت، و(زحل) وله الجدي والدلو {وزيناها} بالكواكب {للناظرين}.
{وَحَفِظْنَاهَا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ (17)} {وحفظناها} بالشهب {مِن كُلِّ شيطان رَّجِيمٍ} مرجوم.
{إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُبِينٌ (18)} {إِلاَّ} لكن {مَنِ استرق السمع} خطفه {فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُّبِينٌ} كوكب يضيء يحرقه أو يثقبه أو يخبله.
{وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ (19)} {والأرض مددناها} بسطناها {وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رواسي} جبالاً ثوابت لئلا تتحرّك بأهلها {وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ شَئ مَّوْزُونٍ} معلوم مقدّر.
{وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ وَمَنْ لَسْتُمْ لَهُ بِرَازِقِينَ (20)} {وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا معايش} بالياء من الثمار والحبوب {وَ} جعلنا لكم {مَن لَّسْتُمْ لَهُ برازقين} من العبيد والدوابّ والأنعام فإنما يرزقهم الله.
{وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ (21)} {وَإِن} ما {مِّن} زائدة {شَئ إِلاَّ عِندَنَا خَزَآئِنُهُ} مفاتيح خزائنه {وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلاَّ بِقَدَرٍ مَّعْلُومٍ} على حسب المصالح.
{وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ فَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ وَمَا أَنْتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ (22)} {وَأَرْسَلْنَا الرياح لَوَاقِحَ} تلقح السحاب فيمتلئ ماء {فَأَنزَلْنَا مِنَ السمآء} السحاب {مآءً} مطراً {فأسقيناكموه وَمَآ أَنْتُمْ لَهُ بخازنين} أي ليست خزائنه بأيديكم.
{وَإِنَّا لَنَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَنَحْنُ الْوَارِثُونَ (23)} {وَإنَّا لَنَحْنُ نُحْىِ وَنُمِيتُ وَنَحْنُ الوارثون} الباقون نرث جميع الخلق.
{وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُمْ وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَأْخِرِينَ (24)} {وَلَقَدْ عَلِمْنَا المستقدمين مِنكُمْ} أي من تقدّم من الخَلْقِ من لدن آدم {وَلَقَدْ عَلِمْنَا المستئخرين} المتأخرين إلى يوم القيامة.
{وَإِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَحْشُرُهُمْ إِنَّهُ حَكِيمٌ عَلِيمٌ (25)} {وَإِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَحْشُرُهُمْ إِنَّهُ حَكِيمٌ} في صنعه {عَلِيمٌ} بخلقه.
{وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ (26)} {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإنسان} آدم {مِن صلصال} طين يابس يسمع له صلصلة أي صوت إذا نُقِرَ {مِّنْ حَمَإٍ} طين أسود {مَّسْنُونٍ} متغير.
{وَالْجَانَّ خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نَارِ السَّمُومِ (27)} {والجآن} أبا الجن وهو إبليس {خلقناه مِن قَبْلُ} أي قبل خلق آدم {مِن نَّارِ السموم} هي نار لا دخان لها تنفذ في المسام.
{وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ (28)} {وَ} اذْكر {إِذْ قَالَ رَبُّكَ للملائكة إِنِّى خالق بَشَراً مِّن صلصال مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ}.
{فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ (29)} {فَإِذَا سَوَّيْتُهُ} أتممته {وَنَفَخْتُ} أجريت {فِيهِ مِن رُّوحِى} فصار حيًّا وإضافة الروح إليه تشريف لآدم {فَقَعُواْ لَهُ ساجدين} سجود تحية بالانحناء.
{فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ (30)} {فَسَجَدَ الملائكة كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ} فيه تأكيدان.
{إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى أَنْ يَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ (31)} {إِلاَّ إِبْلِيسَ} هو أبو الجنّ كان بين الملائكة {أبى} امتنع من {أَن يَكُونَ مَعَ الساجدين}.
{قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا لَكَ أَلَّا تَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ (32)} {قَالَ} تعالى {ياإبليس مالَكَ} ما منعك {أَ} ن {لا} زائدة {تَكُونَ مَعَ الساجدين}؟.
{قَالَ لَمْ أَكُنْ لِأَسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ (33)} {قَالَ لَمْ أَكُن لأَسْجُدَ} لا ينبغي لي أن أسجد {لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِن صلصال مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ}.
{قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ (34)} {قَالَ فاخرج مِنْهَا} أي من الجنة، وقيل من السموات {فَإِنَّكَ رَجِيمٌ} مطرود.
{وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ (35)} {وَإِنَّ عَلَيْكَ اللعنة إلى يَوْمِ الدين} الجزاء.
{قَالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (36)} {قَالَ رَبِّ فَأَنظِرْنِى إلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ} أي الناس.
{قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ (37)} {قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ المنظرين}.
{إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ (38)} {إلى يَوْمِ الوقت المعلوم} وقت النفخة الأولى.
{قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (39)} {قَالَ رَبِّ بِمَآ أَغْوَيْتَنِى} أي بإغوائك لي، والباء للقسم، وجوابه {لأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِى الأرض} المعاصي {وَلأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ}.
{إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ (40)} {إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ المخلصين} أي المؤمنين.
{قَالَ هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ (41)} {قَالَ} تعالى {هذا صراط عَلَىَّ مُسْتَقِيمٌ}.
{إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ (42)} وهو {إِنَّ عِبَادِى} أي المؤمنين {لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سلطان} قوّة {إِلاَّ} لكن {مَنِ اتبعك مِنَ الغاوين} الكافرين.
{وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ (43)} {وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ} أي من اتبعك معك.
{لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ لِكُلِّ بَابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ (44)} {لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ} أطباق {لِكُلِّ بَابٍ} منها {مِّنْهُمْ جُزْءٌ} نصيب {مَّقْسُومٌ}.
{إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (45)} {إِنَّ المتقين فِى جنات} بساتين {وَعُيُونٍ} تجري فيها.
{ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ آَمِنِينَ (46)} ويقال لهم {ادخلوها بسلام} أي سالمين من كل مخوّف أو مع سلام أي سَلموا وادخلوا {ءَامِنِينَ} من كل فزع.
{وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ (47)} {وَنَزَعْنَا مَا فِى صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ} حقد {إِخْوَانًا} حال منهم {على سُرُرٍ متقابلين} حال أيضاً أي لا ينظر بعضهم إلى قفا بعض لدوران الأسرّة بهم.
{لَا يَمَسُّهُمْ فِيهَا نَصَبٌ وَمَا هُمْ مِنْهَا بِمُخْرَجِينَ (48)} {لاَ يَمَسُّهُمْ فِيهَا نَصَبٌ} تعب {وَمَا هُمْ مِّنْهَا بِمُخْرَجِينَ} أبَداً.
{نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (49)} {نَبِّئ} خَبِّرْ يا محمد {عِبَادِى أَنّى أَنَا الغفور} للمؤمنين {الرحيم} بهم.
{وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ (50)} {وَأَنَّ عَذَابِى} للعصاة {هُوَ العذاب الأليم} المؤلم.
{وَنَبِّئْهُمْ عَنْ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ (51)} {وَنَبِّئْهُمْ عَن ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ} هم الملائكة إثنا عشر أو عشرة أو ثلاثة منهم جبريل.
{إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلَامًا قَالَ إِنَّا مِنْكُمْ وَجِلُونَ (52)} {إِذْ دَخَلُواْ عَلَيْهِ فَقَالُواْ سلاما} أي هذا اللفظ {قَالَ} إبراهيم لما عَرَض عليهم الأكل فلم يأكلوا {إِنَّا مِنْكُمْ وَجِلُونَ} خائفون.
{قَالُوا لَا تَوْجَلْ إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ عَلِيمٍ (53)} {قَالُواْ لاَ تَوْجَلْ} لا تخف {إنَّا} رسل ربك {نُبَشِّرُكَ بغلام عَلِيمٍ} ذي علم كثير هو إسحاق كما ذكر في (هود) [71: 11].
{قَالَ أَبَشَّرْتُمُونِي عَلَى أَنْ مَسَّنِيَ الْكِبَرُ فَبِمَ تُبَشِّرُونَ (54)} {قَالَ أَبَشَّرْتُمُونِى} بالولد {على أَن مَّسَّنِىَ الكبر} حال أي مع مسه إياي؟ {فَبِمَ} فبأيّ شيء {تُبَشِّرُونَ}؟ استفهام تعجب.
{قَالُوا بَشَّرْنَاكَ بِالْحَقِّ فَلَا تَكُنْ مِنَ الْقَانِطِينَ (55)} {قَالُواْ بشرناك بالحق} بالصدق {فَلاَ تَكُن مِّنَ القانطين} الآيسين.
{قَالَ وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ (56)} {قَالَ وَمَن} أي لا {يَقْنَطُ} بكسر النون وفتحها {مِن رَّحْمَةِ رَبّهِ إِلاَّ الضآلون} الكافرون.
{قَالَ فَمَا خَطْبُكُمْ أَيُّهَا الْمُرْسَلُونَ (57)} {قَالَ فَمَا خَطْبُكُمْ} شأنكم {أَيُّهَا المرسلون}.
{قَالُوا إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ (58)} {قَالُواْ إِنَّآ أُرْسِلْنَآ إلى قَوْمٍ مُّجْرِمِينَ} كافرين أي قوم لوط لإِهلاكهم.
{إِلَّا آَلَ لُوطٍ إِنَّا لَمُنَجُّوهُمْ أَجْمَعِينَ (59)} {إِلآ ءَالَ لُوطٍ إِنَّا لَمُنَجُّوهُمْ أَجْمَعِينَ} لإِيمانهم.
{إِلَّا امْرَأَتَهُ قَدَّرْنَا إِنَّهَا لَمِنَ الْغَابِرِينَ (60)} {إِلاَّ امرأته قَدَّرْنَآ إِنَّهَا لَمِنَ الغابرين} الباقين في العذاب لكفرها.
{فَلَمَّا جَاءَ آَلَ لُوطٍ الْمُرْسَلُونَ (61)} {فَلَمَّا جَآءَ ءَالَ لُوطٍ} أي لوطاً {المرسلون}.
{قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ (62)} {قَالَ} لهم {إِنَّكُمْ قَوْمٌ مُّنكَرُونَ} لا أعرفكم.
{قَالُوا بَلْ جِئْنَاكَ بِمَا كَانُوا فِيهِ يَمْتَرُونَ (63)} {قَالُواْ بَلْ جئناك بِمَا كَانُواْ} أي قومك {فِيهِ يَمْتَرُونَ} يشكون وهو العذاب.
{وَأَتَيْنَاكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ (64)} {وأتيناك بالحق وَإِنَّا لصادقون} في قولنا.
{فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ وَاتَّبِعْ أَدْبَارَهُمْ وَلَا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ وَامْضُوا حَيْثُ تُؤْمَرُونَ (65)} {فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِّنَ اليل واتبع أدبارهم} امش خلفهم {وَلاَ يَلْتَفِتْ مِنكُمْ أَحَدٌ} لئلا يرى عظيم ما ينزل بهم {وامضوا حَيْثُ تُؤْمَرُونَ} وهو الشام.
{وَقَضَيْنَا إِلَيْهِ ذَلِكَ الْأَمْرَ أَنَّ دَابِرَ هَؤُلَاءِ مَقْطُوعٌ مُصْبِحِينَ (66)} {وَقَضَيْنَآ} أوحينا {إِلَيْهِ ذلك الأمر} وهو {أَنَّ دَابِرَ هؤلاءآء مَقْطُوعٌ مُّصْبِحِينَ} حال أي يتم استئصالهم في الصباح.
{وَجَاءَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ يَسْتَبْشِرُونَ (67)} {وَجَآءَ أَهْلُ المدينة} مدينة سدوم، وهم قوم لوط لما أُخبروا أن في بيت لوط مُرْداً حساناً وهم الملائكة {يَسْتَبْشِرُونَ} حال طمعاً في فعل الفاحشة بهم.
{قَالَ إِنَّ هَؤُلَاءِ ضَيْفِي فَلَا تَفْضَحُونِ (68)} {قَالَ} لوط {إِنَّ هؤلاءآء ضَيْفِى فَلاَ تَفْضَحُونِ}.
{وَاتَّقُوا اللَّهَ وَلَا تُخْزُونِ (69)} {واتقوا الله وَلاَ تُخْزُونِ} بقصدكم إياهم بفعل الفاحشة بهم.
{قَالُوا أَوَلَمْ نَنْهَكَ عَنِ الْعَالَمِينَ (70)} {قَالُواْ أَوَلَمْ نَنْهَكَ عَنِ العالمين} عن إضافتهم.
{قَالَ هَؤُلَاءِ بَنَاتِي إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ (71)} {قَالَ هؤلاءآء بَنَاتِى إِن كُنْتُمْ فاعلين} ما تريدون من قضاء الشهوة فتزوجوهن.
{لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ (72)} قال تعالى: {لَعَمْرُكَ} خطاب للنبي صلى الله عليه وسلم: أي وحياتك {إِنَّهُمْ لَفِى سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ} يتردّدون.
{فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُشْرِقِينَ (73)} {فَأَخَذَتْهُمُ الصيحة} صيحة جبريل {مُشْرِقِينَ} وقت شروق الشمس.
{فَجَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ (74)} {فَجَعَلْنَا عاليها} أي قراهم {سَافِلَهَا} بأن رفعها جبريل إلى السماء وأسقطها مقلوبة إلى الأرض {وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِّن سِجِّيلٍ} طين طبخ بالنار.
{إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ (75)} {إِنَّ فِى ذَلِكَ} المذكور {لأيات} دلالات على وحدانية الله {لِّلْمُتَوَسِّمِينَ} للناظرين المعتبرين.
{وَإِنَّهَا لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ (76)} {وَإِنَّهَا} أي قرى قوم لوط {لَبِسَبِيلٍ مُّقِيمٍ} طريق قريش إلى الشام لم تندرس أفلا يعتبرون بهم؟.
{إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ (77)} {إِنَّ فِى ذلك لأَيَةً} لعبرة {لِلْمُؤْمِنِينَ}.
{وَإِنْ كَانَ أَصْحَابُ الْأَيْكَةِ لَظَالِمِينَ (78)} {وَإِن} مخففة أي إنه {كَانَ أصحاب الأيكة} هي غيضة شجر بقرب (مدين) وهم قوم (شعيب) {لظالمين} بتكذيبهم شعيباً.
{فَانْتَقَمْنَا مِنْهُمْ وَإِنَّهُمَا لَبِإِمَامٍ مُبِينٍ (79)} {فانتقمنا مِنْهُمْ} بأن أهلكناهم بشدة الحر {وَإِنَّهُمَا} أي قرى قوم لوط والأيكة {لَبِإِمَامٍ} طريق {مُّبِينٍ} واضح أفلا تعتبرون بهم يا أهل مكة؟.
{وَلَقَدْ كَذَّبَ أَصْحَابُ الْحِجْرِ الْمُرْسَلِينَ (80)} {وَلَقَدْ كَذَّبَ أصحاب الحجر} واد بين المدينة والشام وهم ثمود {المرسلين} بتكذيبهم صالحاً لأنه تكذيب لباقي الرسل لإشتراكهم في المجيء بالتوحيد.
{وَآَتَيْنَاهُمْ آَيَاتِنَا فَكَانُوا عَنْهَا مُعْرِضِينَ (81)} {وءاتيناهم ءاياتنا} في الناقة {فَكَانُواْ عَنْهَا مُعْرِضِينَ} لا يتفكرون فيها.
{وَكَانُوا يَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا آَمِنِينَ (82)} {وَكَانُواْ يَنْحِتُونَ مِنَ الجبال بُيُوتًا ءَامِنِينَ}.
{فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُصْبِحِينَ (83)} {فَأَخَذَتْهُمُ الصيحة مُصْبِحِينَ} وقت الصباح.
{فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (84)} {فَمَآ أغنى} دفع {عَنْهُم} العذاب {مَّا كَانُواْ يَكْسِبُونَ} من بناء الحصون وجمع الأموال.
{وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَإِنَّ السَّاعَةَ لَآَتِيَةٌ فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ (85)} {وَمَا خَلَقْنَا السموات والأرض وَمَا بَيْنَهُمَآ إِلاَّ بالحق وَإِنَّ الساعة لأَتِيَةٌ} لا محالة فيجازي كل واحد بعمله {فاصفح} يا محمد عن قومك {الصفح الجميل} أعرض عنهم إعراضاً لا جزع فيه وهذا منسوخ بآية السيف [5: 9].
{إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ (86)} {إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الخلاق} لكل شيء {العليم} بكل شيء.
{وَلَقَدْ آَتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآَنَ الْعَظِيمَ (87)} {وَلَقَدْ ءاتيناك سَبْعًا مِّنَ المثاني} قال صلى الله عليه وسلم: «هي الفاتحة» رواه الشيخان لأنها تُثَنَّى في كل ركعة {والقرءان العظيم}.
{لَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ (88)} {لاَ تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إلى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا} أصنافاً {مِّنْهُمْ وَلاَ تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ} إن لم يؤمنوا {واخفض جَنَاحَكَ} ألن جانبك {لِلْمُؤْمِنِينَ}.
{وَقُلْ إِنِّي أَنَا النَّذِيرُ الْمُبِينُ (89)} {وَقُلْ إِنِّى أَنَا النذير} من عذاب الله أن ينزل عليكم {المبين} البين الإِنذار.
{كَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى الْمُقْتَسِمِينَ (90)} {كَمَآ أَنْزَلْنَا} العذاب {عَلَى المقتسمين} اليهود والنصارى.
{الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآَنَ عِضِينَ (91)} {الذين جَعَلُواْ القرءان} أي كتبهم المنزلة عليهم {عِضِينَ} أجزاء، حيث آمنوا ببعض وكفروا ببعض، وقيل المراد بهم الذين اقتسموا طرق مكة يصدون الناس عن الإسلام، وقال بعضهم في القرآن سحر وبعضهم كهانة وبعضهم شعر.
{فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (92)} {فَوَرَبِّكَ لَنَسْئَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ} سؤال توبيخ.
{عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ (93)} {عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ}.
{فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ (94)} {فاصدع} يا محمد {بِمَا تُؤْمَرُ} به أي اجهر به وأمضه {وَأَعْرِضْ عَنِ المشركين} هذا قبل الأمر بالجهاد.
{إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ (95)} {إِنَّا كفيناك المستهزءين} بك بإهلاكنا كلاً منهم بآفة وهم: الوليد بن المغيرة والعاصي بن وائل وعدي بن قيس والأسود بن عبد المطلب والأسود بن عبد يغوث.
{الَّذِينَ يَجْعَلُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (96)} {الذين يَجْعَلُونَ مَعَ الله إلها ءاخَرَ} صفة، وقيل مبتدأ ولتضمنه معنى الشرط دخلت الفاء في خبره وهو {فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ} عاقبة أمرهم.
{وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ (97)} {وَلَقَدْ} للتحقيق {نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ} من الاستهزاء والتكذيب.
{فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ (98)} {فَسَبِّحْ} ملتبساً {بِحَمْدِ رَبِّكَ} أي قل سبحان الله وبحمده {وَكُنْ مِّنَ الساجدين} المصلين.
{وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ (99)} {واعبد رَبَّكَ حتى يَأْتِيَكَ اليقين} الموت.
|